علاقة إدارة الموارد البشرية بإدارة المعرفة
يقال أن آفة العلم النسيان، وفي هذا السياق هنالك قصة جميلة عن شاب التحق بمعهد خاص من اجل تعلم صناعة الحلويات، وكان هذا الشاب سريع التعلم و حصل على الرتبة الأولى في دفعته، وبعد 6 أشهر أراد أن يعمل في إحدى المحلات الكبيرة في صناعة الحلويات، فقام صاحب احد هذه المحلات باختبار مدى قدرته وكفائتة في صناعة الحلوى فوجده غير مؤهل لذلك فقام بصرفه، فاستغرب هذا الشاب لعدم قدرته على صناعة الحلوى على الرغم من توفقه على زملائه في المعهد، واخذ يتساءل عن السبب، وعندما سال أحد الحكماء عن قصته الغريبة، قال له هذا الحكيم"إن تعلم شيء جديد هو معرفة، وان لم تقم بتوثيقها وتخزينها وتطويرها فسوف تتضاءل مع مرور الوقت"، فسرعان ما أدرك هذا الشاب خطأه، وقام بتسجيل نفسه في دورة جديدة في نفس المعهد وعمل على توثيق كل ما تعلمه وطور بعض الوصفات ونجح في ذلك، وقام بتخزين ذلك في دفتر خاص به، وبعد ما عاد إلى صاحب المحل طلب منه أن يقوم باختباره لآخر مرة فاندهش صاحب المحل من المهارات التي يملكها ومن المعرفة التي بحوزة هذا الشاب، فقام بتوظيفه على الفور، وبعد مدة زادت ماهرة هذا الشاب وزاد عدد الزبائن في هذا المحل، وأصبح هذا الشاب ميزة تنافسية يملكها صاحب هذا المحل، فالإستراتيجية التي قام بها ذا الشاب هي ببساطة إدارة المعرفة، فبعدما أدرك خطاه في المرة الأولى عمل على توثيق وتخزين المعرفة وتطويها في المرة الثانية ورأينا اثر ذلك على النجاح الذي حققه، وان كان هذا الشاب البسيط قام باستخدام إدارة المعرفة التي قادته إلى النجاح، فكيف بالمنظمات التي تصارع من اجل أن تبقى في ظل منافسة شديدة، لذا عليها أن تستفيد من المعرفة التي لديها وتقوم بإدارتها على نحو يحقق لها التميز.
تعريف إدارة المعرفة
هنالك عدت تعاريف لإدارة المعرفة من بينها:التعريف 01
حسب تراسلير "هي القدرة على تجميع، إدارة، استخدام المعرفة وكيفية تنفيذ ذلك على نحو فعال سيصبح مصدرا رئيسيا للتميز التنافسي في كثير من الشركات خلال السنوات القليلة القادمة، والشركة الناجحة هي التي تقوم بخلق المعرفة"[1]التعريف 02 [2]
تعرف إدارة المعرفة على أنها محاولة المنظمة وضع الإجراءات والتقنيات والعمليات من أجل تحقيق ما يلي:- نقل المعرفة الشخصية لدى الأفراد إلى قاعدة المعلومات.
- انتقاء وتصنيف المعرفة المناسبة.
- تنظيم تلك المعرفة في قاعدة بيانات.
التعريف03
يعرف Skyrem إدارة المعرفة على أنها "الإدارة النظامية والواضعة للمعرفة والعمليات المرتبطة بها باستحداثها(إيجادها)وجمعها وتنظيمها ونشرها و استخدامها واستثمارها تتطلب تحويل المعرفة الشخصية إلى معرفة تعاونية"[3]المورد البشري مصدر المعرفة
إن المعرفة مصدرها الإنسان باعتباره الموارد الوحيد القادر على التفكير، والتفكير هو مولد الأفكار الجديدة والتي يعبر عنها بالمعرفة ، إلا أن هذه المعرفة شيء معنوي يوجد لدى كل فرد على حدى، ومن خلال استراتيجيات إدارة المعرفة يمكن تحويل المعرفة الضمنية إلى معرفة صريحة،ومن بين هذه الاستراتيجيات :[4]- العمل الجماعي.
- فرق العمل.
- حلقات الحوار والنقاش.
- العصف الذهني.
- التفاوض.
وبعد تحويل هذه المعرفة من ضمنية إلى صريحة على المنظمة أن توثق وتنقح هذه المعارف من اجل استخدامها وتطويرها من اجل تحقيق أهداف المنظمة، وبالتالي لا يمكن الحصول على المعرفة إلا من خلال استراتيجيات إدارة المعرفة التي تقوم على مبدأ المشاركة والذي يمثل إحدى ركائز إدارة الجودة الشاملة وهنا يتضح التداخل والتكامل بين مختلف النظريات الحديثة في الفكر الإداري.
تأثير المعرفة في إدارة الموارد البشرية
تؤثر المعرفة على إدارة الموارد البشرية على النحو التالي:[5]- اكتشاف مصادر المعرفة الداخلية المتمثلة في الأفراد ذوي التخصصات والقدرات التي يوظفونها في أنواع متميزة تمثل واحدا من أهم مصادر الثروة في المنظمة.
- اكتشاف أهمية المصادر الخارجية للمعرفة حيث تسعى إدارة الموارد البشرية إلى تطوير أساليبها في الاستقطاب والاختيار بحيث أنها تحصل على الأفراد الأكثر معرفة وكذلك تعمل على تطوير أساليب انفتاح أفراد المنظمة على مصادر المعرفة الخارجية مثل : الندوات، الدورات التدريبية، تعمل هذه الأخيرة على تراكم معارف جديدة لدى الأفراد.
- إن المعرفة في تطور مستمر وسريع لذا يقال:"إن أفكار الأمس هي نتائج اليوم، وأفكار اليوم هي نتائج الغد"وهذا يعني أن المعرفة التي وصلنا بها إلى اليوم قد لاتصل بنا إلى الغد بسب التطور السريع، لذا فعلى إدارة الموارد البشرية أن تتمتع بالمرونة الكاملة من حيث اكتشاف المعارف الجديدة التي تعمل على تنمية الأفراد وتطوير أساليب التخطيط والتدريب بشكل مستمر "لان الثابت هو التغيير".
- إن البعد الجديد لإدارة الموارد البشرية في ضل إدارة المعرفة يركز على فتح قنوات الاتصال وتسهيل تدفق المعلومات والمعرفة بين جماعات العمل لتحقيق اكبر قدر من المعرفة داخل المنظمة نتيجة التداول والتعامل بها.
- إن المعرفة اليوم أصبحت تشكل ميزة تنافسية، وعليه فان إدارة الموارد البشرية تسعى جاهدتا للحصول والحفاظ على الموارد البشرية وتكونها للحصول على معارف جديدة تتميز المنظمة عن باقي المنظمات.
رأس المال المعرفي
عناصر رأس المال المعرفي
يتمثل رأس المال المعرفي في ثلاثة عناصر أساسية هي:[6]رأس مال بشري:مهارات، قدرات، خبرات، معارف.
رأس مال هيكلي:براءات اختراع، عمليات، قواعد وبيانات، شبكات...
رأس مال عملاء: علاقات مع العملاء والموردين، الجمهور المتعامل مع المنظمة.
إدارة رأس المال المعرفي
يتم إدارة رأس المال المعرفي من خلال:[7]- تقدير التكلفة المعرفية:
- الإنفاق عن البحوث والتطوير كنسبة مئوية من التكاليف.
- النسبة المئوية لمبيعات المتولدة من المنتجات الجديدة وبراءات الاختراع.
- النسبة المئوية للعاملين المعرفيين الذين يدفع لهم اجر نظير التفكير.
- معامل القيمة المضافة لرأس المال البشري = الايرادات/ رأس المال البشري
وباختصار فان علاقة إدارة المعرفة بإدارة الموارد البشرية تكمن في نقطتين أساسيتين:[8]
- اكتشاف أهمية مصادر المعرفة الداخلية المتمثلة في الأفراد ذوي الاختصاصات والقدرات التي يتم توظيفها في أنواع متميزة من الأنشطة، تمثل واحدا من أهم مصادر إنشاء الثروة في المنظمة المعاصرة.
- اكتشاف أهمية المصادر الخارجية للمعرفة بناءا على البيئة التي تنشط فيها المؤسسة، حيث تسعى إدارة الموارد البشرية إلى تطوير أساليبها في الاستقطاب والاختيار بحيث تحصل على الأفراد الأكثر معرفة.
[1] مايكل ارمسترونج، الإدارة الإستراتيجية للموارد البشرية، ترجمة:إيناس الوكيل، الطبعة الأولى، مجموعة النيل العربية، مصر، 2008، ص151.
[2] زياد أحمد القطارنة، إدارة المعرفة، الطبعة، دار جليس الزمان للنشر والتوزيع، 2011، ص23.
[3] زياد أحمد القطارنة، المرجع السابق، ص23.
[4] زياد أحمد القطارنة، المرجع السابق، ص100.
[5] زياد أحمد القطارنة، المرجع السابق، ص101.
[6] سامح عبد المطلب عامر، استراتيجيات إدارة الموارد البشرية، دار الفكر ناشرون وموزعون، الأردن، 2011، ص324.
[7] سامح عبد المطلب عامر، المرجع السابق، ص334.
[8] مصطفى يوسف كافي، إدارة الموارد البشرية من منظور إداري- تنموي- تكنولوجي- عولمي، الطبعة الأولى، مكتبة المجتمع العربي للنشر والتوزيع، الأردن، 2014، ص ص328،329.
© Manajmnt