مصادر السلوك التنظيمي
الدافع والحاجة
"الدافع يعبر عن حالة نفسية تؤدي إلى تحديد اتجاه السلوك"[1]والحاجة هي السبب الرئيسي لوجود الدافع، وتنقسم الحاجات إلى ضرورية وحاجات كمالية فالحاجات الضرورية لا يستطيع الإنسان التخلي عنها والتحكم في بعضها أحيانا، فالإنسان لا يستطيع أن يعرض عن الطعام والشراب والنوم فهي حاجات شئنا أم أبينا لا نستطيع أن نعرض عنها، أما الحاجات الكمالية فهي التي تعرف بالرغبات، كأن يبحث الإنسان عن الاستجمام أو كسب سيارة، فيستطيع الإنسان أن يتخلى عنها باعتبارها لا تؤثر على حياته بشكل كبير، إلا أن التطور التكنولوجي قدم أشياء في البداية كانت رغبات، وأصبحت اليوم من الضروريات، مثل الهاتف النقال الذي أصبح حاجة ملحة يحتاجها معظم الناس، وعليه فان المنظمة تسعى لتلبية الحاجات الضرورية لضمان انتماء الأفراد، وتسعى لتلبية الحاجات الكمالية لهم لتضمن الولاء لها من قبلهم.أنواع الحاجات
يعتبر تصنيف أبراهام ماسلو للحاجات من أهم التصنيفات، حيث قام بترتيبها حسب الأولوية للإنسان وهي خمس درجات مرتبة تصاعديا كما يلي:[2]- الحاجات البيولوجية(الفيزيولوجية): وهي الحاجة إلى الأكل والشرب،الملبس،النوم...
- الأمان: وهو أن يتواجد الإنسان في مجتمع آمن وهادئ، من خلال الاستقرار في العمل والمجتمع.
- الانتماء: حاجات الفرد إلى أن ينظم إلى مجموعة من الأفراد متقاربة في الأفكار والأهداف.
- الاحترام والتقدير: وهو حاجة الإنسان إلى الاحترام من قبل الآخرين يعزز ثقته بنفسه.
- تحقيق الذات: وهي اقصى حاجة يشعر فيها الإنسان بالانجاز، وكذا اكتساب مكانة مرموقة في وسط المجتمع والاهم في حاجات ماسلو، هو أن الإنسان لا ينتقل من درجة إلى أخرى إلا بعد أن يشبع الحاجة التي قبلها، ورغم الانتقادات الموجهة لهرم ماسلو للحاجات والمتعلقة بتفاوت الأفراد في إشباع الحاجات إلا أن تقسيم ماسلو هو المعمول به لدى المختصين في الإدارة باعتباره يتناسب مع معظم الناس.
الحوافز
مفهوم الحوافز
"هي كل ما تقدمه المنظمة للتأثير على القوى الدافعة الموجودة لدى الإنسان، وتوجيه هذه القوة الداخلية إلى تحقيق أهداف المنظمة"[3]والشكل التالي يوضح العلاقة التي تربط الحوافز بالدوافع:أنواع الحوافز
- حوافز مادية: يأخذ هذا النوع من الحوافز أشكال كثيرة ابتداء من المكافآت المالية، المشاركة في الأرباح، معاش التقاعد، التأمين، العطل المدفوعة الأجر.
- الحوافز المعنوية: وتتمثل بشكل عام في الترقية، المساهمة في التسيير، المشاركة في عملية اتخاذ القرارات.
أهداف الحوافز
من بين الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها المنظمة عن طريق الحوافز:[4]- الارتباط والانسجام والتوافق الجماعي.
- الملائمة مع ظروف العمل.
- تنمية الشعور بالمشاركة.
- الشعور بالتضامن والتكافل الاجتماعي.
ومن بين الأهداف الأخرى:
- تحسين الأداء.
- تحسين علاقة المنظمة بأفرادها.
- خلق ثقافة تنظيمية تقوم على الولاء وسلوكيات المواطنة التنظيمية.
- تحقيق التميز عن طريق إيداع الأفراد.
الإدراك
تعريف الإدراك
هنالك عدة تعاريف للإدراك من بينها:- تعريف 01: "الإدراك هو عملية استقبال المثيرات الخارجية بواسطة الحواس وترجمتها إلى معاني ومفاهيم تحدد نمط السلوك "[5].
- تعريف 02:يعرف الإدراك على أنه "ذلك السلوك الذي يستخدم الفرد فيه خبراته السابقة وحاجته الحالية وطموحاته ورغباته المستقبلية في تفسير المؤثرات ، وتعتمد عملية الإدراك على عاملين رئيسين هما النشاط الذهني ووظائف الأعضاء الحسية"[6]، إلا انه هنالك العديد من التعاريف المتداخلة فيما بينها في ما يتعلق بالإدراك حيث أن الباحثين والعلماء في شتى المجالات يعرفون الإدراك حسب اختصاصهم، إلا أن الإدراك يندمج ضمن علم النفس وبالتالي محصلة مفهوم الإدراك انه عملية معقدة تحدث داخل الإنسان ومصدرها البيئة الخارجية، وهذا يعني تفاعل حواس الإنسان مع نشاطه الذهني وبالضبط العقل اللاوعي باعتباره مخزن للتجارب والذكريات ومختلف الأحاسيس، فإدراك العامل للتدريب مثلا هو انه سيحسن من أداءه في عمله، وبمجرد أن تقوم الإدارة بالإعلان عن دورة تدريبه يدرك هذا العامل أنه سوف يحسن من أداءه، وبالتالي يبدو أن الإدراك هو اعتقاد عكس التعريف السابق الذي يقول أن الإدراك هو سلوك!
محددات الإدراك
يتحدد الإدراك بمجموعة من العوامل منها:[7]- اختيار المؤثرات :ويقصد به تركيز الفرد على مؤثرات معينة والإعراض عن أخرى، وذلك حسب الأهمية بالنسبة له، فمثلا الطالب يركز على الحديث الذي يدور بين زملائه في الخلف ويعرض على المعلومات التي يقدمها له الأستاذ وهذا يعود إلى أن الحديث يخصه لذا فهو يضع كامل تركيزه من اجل إدراك المعنى.
- تنظيم المؤثرات: بعد أن يحدد الفرد تركيزه على مؤثر يقوم بتنظيم هذا المؤثر ليصبح ذو معنى منطقي فبالعودة إلى المثال السابق يركز الطالب على الألفاظ المستخدمة من قبل زملائه وكذا حدة الصوت ومجموعة من التفاصيل الأخرى وقد يضيف بعض الأحاسيس على الإدراك. - الموقف:إن معرفة الشخص وتوقعاته وخبرته السابقة جميعها عوامل تؤثر في إدراكه للأشياء ومن ثم كيفية التأقلم معها.
- الإدراك الذاتي: أو ما يعرف بالمفهوم الذاتي حيث أن سلوك الإنسان هو نتيجة لإدراكه حول مفهومه الذاتي، فإذا كان الشخص يرى نفسه انه نشيط وحيوي، يكون سلوكه مرآة عاكسة لما يعتقده حول نفسه وهو ما يعرف بالبرمجة أي أن الإنسان من خلال تجاربه واحتكاكه منذ نشأته بمجموعة العوامل الذي كونت له شخصية خرج بها إلى العالم الخارجي، ويقول رواد التنمية البشرية في هذا الصدد أن الإنسان يستطيع تغير مفهومه الذاتي فيها يتعلق بالاعتقادات السلبية حول نفسه مثل أن يقول: أنا فاشل، أنا لا استطيع، فعلم البرمجة اللغوية العصبية-وهو من أقوى العلوم في مجال التنمية البشرية- يحتوي على مجموعة من التقنيات العلمية التي تغير إدراك الشخص مثل النظام التمثيلي، الخطوات الست لوضع الإطار الجديد، مولد السلوك الجديد، كل هذه التقنيات تساعد الإنسان على تغيير إدراكه السلبي الذي تبرمج عليه دون وعي وقصد منه خاصة في السبع السنوات الأولى من نشأته.
القيم الثقافية
تعريف الثقافة
هنالك عدت تعاريف للثقافة من بينها:- يرى كل من كوبير وكلاكهون أن الثقافة هي "ظاهرة للسلوك المكتسب والمنقول عن طريق الرموز فضلا عن الانجازات المتميزة للجماعات الإنسانية، ويتضمن ذلك الأشياء المصنوعة، ويتكون جوهر الثقافة من أفكار تقليدية وكافة القيم المتصلة بها، أما الأنساق الثقافية فتعتبر نتاج السلوك من جهة، وتمثل الشروط الضرورية له من ناحية أخرى"[8].
- فيما يعرف العالم الانجليزي تايلور على" أن الثقافة بالمعنى الانثوجرافي الواسع هي ذلك الكل المعقد الذي يشتمل على:المعرفة، العقيدة، الفن، الأخلاق، القانون، العادات، وكل المقومات الأخرى التي يكتسبها الإنسان كعضو في المجتمع"[9]
مميزات الثقاقة
تتسم الثقافة بمجموعة من المميزات من بينها:[10]- الثقافة مكتسبة وليست فطرية:حيث أنها تنتقل من جيل إلى جيل، وقد تطرأ عليها بعض التغيرات من حين إلى أخر.
- الثقافة خاصة بالإنسان: أي أنها من صنعه وهو الذي يورثها للأجيال اللاحقة. - تتأثر ثقافة كل مجتمع بالظروف البيئية المحيطة به.
- الثقافة قابلة للتغيير:باعتبار أن الثقافة تتحدد من البيئة التي يعيش فيها الإنسان، فإن أي تغير يحدث في البيئة يؤدي إلى تغير الثقافة.
- الثقافة جانبان: ثقافة مادية(الصناعة التقليدية، التكنولوجيا)، ثقافة معنوية وهي القيم والعادات التي تسود في مجتمع ما.
- الثقافة تراكمية:أي أن الثقافة تنمو وتتطور من جيل إلى جيل إلى أن تصل إلى شكلها الحاضر.
معنى الثقافة التنظيمية
"لقد ظهرت نظرية الثقافة التنظيمية في بداية الثمانينات من القرن الماضي، ومضمون هذه النظرية أن لكل منظمة ثقافة خاصة بها تحدد من خلال نمط القيادة وأسلوب العمل، والعوامل الداخلية في المنظمة والتي تؤثر على الأفراد، وتتكون من القيم والمبادئ والتي يكونها الأفراد داخل منظمتهم وبيئتهم والتي تدفع بسلوكيات معينة"[11]، كما عرف كل من فيورنهام و جانتر الثقافة التنظيمية على أنها"مجموعة الاعتقادات الشائعة و السلوكيات والقيم الموجودة[12]أنواع القيم الثقافية داخل المنظمات
هنالك عدة تصنيفات لأنواع القيم الثقافية داخل المنظمة، ومن بينها تصنيف سبرينجر، حيث يصنف القيم الثقافية على النحو التالي:[13]- القيمة النظرية:وتعني مدى اهتمام الفرد بالبحث والكشف عن القوانين التي تحكم الظواهر والأشياء حوله، بقصد معرفتها دون النظر إلى قيمتها العلمية.
- القيمة الاقتصادية: وتتمثل في الاهتمام بكل ما هو نافع محققا للكسب المادي، والنظر إلى العالم باعتباره مصدر لزيادة الثروة وقيمتها.
- القيمة الجمالية: وتتعلق بالاهتمام بالتناسق، والانسجام الشكلي و اللوني، سواء كانا مسموعا أو مرئيا.
- القيمة السياسة:و تتمثل في الاهتمام بالسيطرة على الآخرين وقيادتهم والتحكم فيهم.
- القيمة الاجتماعية:اهتمام الفرد بالآخرين، وتقديم العون والمساعدة لهم والسعي لخدمتهم.
- القيمة الدينية:اهتمام الفرد بالجانب الروحاني وإتباع التعاليم الدينية.
________________________________________
[1] ناصر دادي عدون، إدارة الموارد البشرية والسلوك التنظيمي، دار المحمدية العامة، الجزائر، 2003، ص65.
[2] ناصر دادي عدون، المرجع السابق، ص66،67.
[3] ناصر دادي عدون، المرجع السابق، ص69.
[4] المرجع السابق، ص78. [5] هشام محمد نور جمجوم، سيكولوجية الإدارة، دار ومكتبة الهلال، لبنان، 2010 ،ص33
[6] ناصر دادي عدون، مرجع سابق، ص98 .
[7] ناصر دادي عدون، المرجع السابق، ص99،100.
[8] أحمد رأفت عبد الجواد، مبادئ علم الاجتماع، مكتبة نهضة الشرق-جامعة القاهرة-، مصر، 1983، ص80.
[9] المرجع السابق، ص81.
[10] المرجع السابق، ص ص 84،89.
[11] سامر عبد الله هداش، موضوعات معاصرة في إدارة الموارد البشرية، الطبعة الأولى، دار العالمية للنشر والتوزيع، السعودية، 2012، ص18.
[12] مايكل ارمسترونج، الإدارة الإستراتجية للموارد البشرية، ترجمة:إيناس الوكيل، الطبعة الأولى، مجموعة النيل العربية، مصر، 2008، ص143.
[13] ناصر دادي عدون، مرجع سابق، ص113.
© Manajmnt